التكامل المعرفي في التراث العربي: النحو والبلاغة أنموذجا

يهدف هذا البحث إلى التنبيه إلى قضية التكامل المعرفي، والتداخل بين العلوم في التراث العربي الإسلامي، سواء التكامل والتداخل بين المعارف والعلوم الإنسانية في عموميتها، أو التكامل والتداخل بين العلوم المنطوية تحت علم واحد كما هو الشأن بالنسبة إلى علوم اللغة، أو ما يطلق عليه في اللسانيات الحديثة بالمستويات اللسانية. وتفترض الدراسة أن التكامل المعرفي والتداخل بين العلوم في التراث العربي الإسلامي مستمد من الوحي، ومن وحدانية الخالق، وأن التدكيك والتفكيك اللذين عرفتهما العلوم في العالم المعاصر أفقد الإنسان القراءة الكونية والشمولية للعالم والإنسان، وأن التخصص إنما نبع مع الحداثة الغربية وتأثر الأمة الإسلامية بها وتقليدها والابتعاد عن ماضي أجدادها وحضارتها. وقد اخترنا تقسيم هذا البحث إلى مقدمة ومبحثين وخاتمة. خصصنا المبحث الأول للحديث عن التكامل والتداخل بين المعارف والعلوم في التراث العربي، وعلاقة ذلك بقضية موسوعية العلماء، إضافة إلى التكامل بين المستويات اللغوية في التراث اللغوي العربي. أما المبحث الثاني فقد مثلنا لهذا التكامل اللغوي بعلمي النحو والبلاغة، واتخذنا عبد القاهر الجرجاني أنموذجًا؛ من خلال الاشتغال على قضية التقديم والتأخير في كتابه (دلائل الإعجاز)، حيث أدرك تكاملية العلاقة بين وظيفة علم النحو وعلم البلاغة، فسعى إلى المزج بين الوظيفتين.